جبران باسيل.. تصريحات عنصرية تغذي خطاب الكراهية ضد اللاجئين

مدريد- إسبانيا
في الوقت الذي تتزايد فيه معاناة اللاجئين بسبب الويلات والحروب حول العالم، تتصاعد حدة خطاب الكراهية والتحريض ضد اللاجئين في لُبنان، وبالأخص من مسؤولين في هرم السلطة، ومن وسائل الإعلام المختلفة.
آخر هذه التصريحات، ما أطلقه وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، والتي تعتبر وفقا للقوانين الدولية تصريحاتٍ عنصرية وتحريضية خطيرة ضد اللاجئين في بلاده والتي يعيش فيه أكثر من مليون ونصف لاجئ سوري، يضاف إليهم ما يقرب من 390 ألف لاجئ فلسطيني.
باسيل المنتمي لـ “التيار الوطني الحر” وهو حزب الرئيس اللبناني “ميشال عون”، قال في تغريدةٍ على حسابه في تويتر إن “هذه الأرض التي أثمرت أنبياء وقديسين لن يحل محلنا فيها، لا لاجئ ولا نازح ولا فاسد” وهو ما أثار ضده عاصفة كبيرة من ردود الأفعال والانتقادات من منظمات حقوق الإنسان والنشطاء.
إن هذه التصريحات تتناقض تماما مع مواثيق العهد الدولي، واتفاقية اللاجئين التي وقعت عام 1951 والتي تنص على توفير الحماية والتنقل والعمل للاجئين الفارين من الحرب.
ووفق ما رصدته سكاي لاين الدولية، فإن تصريحات باسيل ليست الأولى من نوعها والتي تأتي في سياق التحريض ضد اللاجئين، ولكنه دعا سابقا إلى ترحيل اللاجئين من لبنان وإجبارهم على العودة إلى بلادهم، واعتبرهم في تصريحات أخرى عبئًا على بلاده.
وهنا نرصد أبرز التصريحات العدائية والتي تغذي خطاب الكراهية من قبل الوزير باسيل:
في 5 فبراير/شباط 2019، قال باسيل خلال الاجتماع الوزاري العربي الأوروبي في بروكسل، إن “مليون ونصف نازح سوري أرهقوا لبنان مادياً بخسائر وصلت إلى 40% من ناتجه القومي، وهم يهددون وجوده بتمزيق نسيجه الاجتماعي”.
قال في 22 مارس/آذار 2019، خلال مؤتمر مع وزير الخارجية الأمريكي إن “لبنان لم يعد يحتمل اللاجئين ولا بد من عودتهم إلى بلدانهم”.
في 15 مارس/ آذار 2018، دعا باسيل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” إلى شطب كل لاجئ فلسطيني من سجلاتها في حال تغيبه عن الأراضي اللبنانية أو في حال حصوله على جنسية بلد آخر، حتى تخفف من أعبائها المالية من جهة، ولكي تساهم في خفض أعداد اللاجئين في لبنان، وهو ما يتنافى مع القوانين الدولية الخاصة بحماية اللاجئين، والتي وقعت عليها لبنان.
باسيل كان تباهى أيضا بعنصريته ضد اللاجئين خلال الأعوام الماضية، رافضًا إنشاء مخيماتٍ للسوريين، وقال في تشرين أول/أكتوبر عام 2017: “نحن عنصريون بلبنانيتنا، مشرقيون بانتمائنا، عالميون بانتشارنا، ومن يتحدث عن القانون الدولي وحقوق الإنسان فليذهب إلى أماكن أخرى حيث تنتهك حقوق الإنسان”.
غرد باسيل على موقع تويتر في تشرين أول/ أكتوبر عام 2017 أيضا، قائلاً “كل أجنبي قابع على أرضنا من غير إرادتنا هو محتل من أي جهة أتى”.
لم يتردد باسيل أيضا خلال زيارته إلى أستراليا عام 2017 بالقول: “حرام أن نقبل بأن يحصل مع النازحين السوريين ما حصل مع اللاجئين الفلسطينيين، ما زال بإمكاننا العمل لعودة النازحين الى أرضهم بكرامتهم وبأمان ولنحافظ لهم على سوريا ونحافظ على لبنان وإلا فإن كل مخيم عشوائي للنازحين السوريين في لبنان، إن كان مُنظماً أم لا، قد يتحول مع الوقت الى مية ومية ثانية، ويصبح لدينا مئات الآلاف من اللبنانيين الذين سيهجرون لبنان…”.
إن هذا التصريح هو دليل واضح على التهديد بالخيارات الأمنية والعسكرية في التعامل مع قضية اللاجئين داخل سوريا، وهو ما حصل سابقا من مداهمة مناطق اللاجئين واعتقال عدد منهم ومقتلهم برصاص الجيش خلال العامين الماضيين.
· عام 2013 كان جبران باسيل يشغل منصب وزير الطاقة والمياه، حيث قال “عندما نقول لا نريد نازحين سوريين وفلسطينيين يأخذون مكاننا، هو أمر يجب تكريسه بالفعل وليس بالقول فبوجودهم وبعملهم وبعيشهم يأخذون مكان اللبناني”.
يتماهى خطاب المسؤول اللبناني مع خطابٍ إعلامي برز كثيرًا في لُبنان خلال الأعوام الماضية، يقوم على التحريض ضد اللاجئين وبث الكراهية، والذي تركّز كثيرًا عقب الأزمة السورية عام 2011.
ناقوس الخطر
لا شك أن الخطاب العنصري ضد اللاجئين الذي ينطلق من المسؤولين اللبنانيين وعلى رأسهم باسيل وبعض وسائل الإعلام والأشخاص في وسائل التواصل الاجتماعي، ينعكس على الشارع، فقد شهد لبنان حالات كثيرة من العنصريةً ضد اللاجئين السوريين على وجه التحديد، من إساءة لهم وتصويرهم ونشر تلك الصور في مواقع التواصل الاجتماعي للتندر عليهم في انتهاك فاضح لأبسط القواعد الأخلاقية والإنسانية.
وفي مواجهة خطاب الكراهية المتصاعد في لبنان، والتي يشارك بها مسؤولون كبار مثل وزير الخارجية، فإن منظمة “سكاي لاين الدولية” تدق ناقوس الخطر، وتعبر عن قلقها الحادّ من تصاعد الكراهية ضد اللاجئين في لُبنان، خصوصًا مع تصريحات باسيل العدائية المتنامية والتي لا تجد لها من رادع، كونه وزيرا للخارجية ومسؤولًا عن أحد الأحزاب الرئيسية الحاكمة في البلاد.
تؤكد “سكاي لاين الدولية” الحقوقية، على أن هذه التصريحات في جوهرها تنهك القانون الدولي والمعاهدات الدولية، والتي تحظر جميع أشكال التمييز، ومنها المادة 7 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، والمادة 26 و20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والتي تنص على أن “أية دعاية للحرب” و “أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف”.
كما تتناقض تصريحات وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل مع المادة الثانية من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لعام 1969، والملحق رقم
كما أنها تنتهك نصوص اتفاقية عام 1951 بخصوص اللاجئين، وتتعارض مع حق الفرد في التنقل الذي كفلته القوانين الدولية، التي تعطي الفرد حق اختيار محل إقامته ومغادرة أي بلد والعودة إليه، وتحظر تقييد هذا الحق خارج إطار القانون.
وتشير سكاي لاين إلى أن “لبنان الذي شارك في صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948، يجب أن يحترم التزاماته بموجب هذه الاتفاقية، وغيرها من الاتفاقيات التي تضمن حقوق اللاجئين”. وشدّدت على أن اللاجئين الذين عانوا من ويلات الحرب يجب أن يلقوا معاملةً تليق بهم، تعويضًا عن الضرر الذي أصابهم جراء الأحداث المؤسفة في بلادهم.
ونوهت المنظمة الدولية أيضا إلى أن خطابات باسيل المتكررة هي مخالفة واضحة لمبادئ “كامدن” التي وضعتها منظمة “المادة 19” البريطانية مع مجموعة من خبراء القانون والإعلام في العالم، حيث عرفت خطاب الكراهية بأنه “حالة ذهنية تتسم بانفعالات حادة وغير عقلانية من العداء والمقت والاحتقار تجاه المجموعة أو الشخص المحرض ضده”. وتنص مبادئ كامدن أيضا في المادة 12 الفقرة الأولى “على وجوب أن تتبنى جميع الدول تشريعا يمنع أي دعوة للكراهية على أساس قومي أو عرقي أو ديني مما يشكل تحريضا على التمييز أو العداء أو العنف خطاب الكراهية”.
ودعت المنظمة الحقوقية، وسائل الإعلام في لبنان إلى الابتعاد عن بث الخطاب التحريضي ضد اللاجئين، والعمل على التوعية بحقوقهم وإعطائهم مساحة أـكبر للتعبير عن أنفسهم وعن مشكلاتهم، بصفتهم جزءًا فاعلًا في الحياة اليوميّة في لبنان.
كما دعت “سكاي لاين” السلطات اللبنانية إلى وقف خطاب الكراهية الصادر عن مسؤوليها وإخضاعهم للرقابة وتقييدهم بمعايير حقوق الإنسان، عدا عن العمل على توفير واقعٍ أفضل للاجئين الذين فرّوا قسرًا إلى لُبنان.