الإمارات: إغلاق صحيفة واستجواب صحفيين وتسريح آخرين امتداد لنهج القمع المستمر في البلاد

ستوكهولم- دعت منظمة سكاي لاين الدولية لحقوق الإنسان، السلطات الإماراتية لإنهاء سياسة الترهيب ضد الصحفيين ورفع قبضتها عن الحريات وعمل وسائل الإعلام، وعدّت ما كشفت عنه تقارير دولية عن إغلاق صحيفة واستجواب صحفيين وتسريح آخرين من العمل دليلًا جديدًا النهج غير الديمقراطي في التعامل مع العمل الصحفي في البلاد.
وقالت المنظمة في بيان صدر عنها اليوم الأربعاء، أنها تابعت بأسف شديد ما كشفت عنه وكالة "أسوشييتد برس"، قبل يومين عن الأسباب التي دفعت السلطات لإغلاق النسخة الورقية من صحيفة الرؤية في الإمارات، وما سبقه من استجوب عدة محررين ورئيس التحرير، ثم بعد أسابيع فصل العشرات من الموظفين والإعلان عن حلّ الصحيفة.
ووفق ما كشفته الوكالة الدولية، فإنه بخلاف ما أعلنته شركة إنترناشونال ميديا إنفستمنتس ( آي إم آي) التي تتولى نشر الصحيفة، ومقرها أبوظبي، بأن إغلاق "الرؤية" نابع من تحولها إلى منفذ أعمال جديد باللغة العربية لقناة سي أن أن، فإن السبب الحقيقي يرجع إلى تقرير حول ارتفاع أسعار الوقود في الإمارات العربية المتحدة.
ونشر التقرير، سبب الأزمة عندما كان ارتفاع الأسعار الحديث الدارج، بعدما رفعت الإمارات دعم الوقود تدريجياً، وشعر المواطنون بضغوط معيشية، بعدما أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى ارتفاع أسعار النفط.
وتضمن التقرير مقابلات مع مواطنين إماراتيين، قال عدد قليل منهم من المقيمين قرب الحدود مع عمان، حيث أسعار الوقود نصف أسعاره في الإمارات بسبب الإعانات الحكومية، بأنهم عبروا إلى عمان لملء سياراتهم، فيما قال آخرين "بأنهم رّكبوا خزانات وقود إضافية في سياراتهم".
ولقى التقرير انتشارًا واسعًا على وسائل التواصل الاجتماعي في 2 يونيو/حزيران، وخاصة الجزء الخاص بعمليات ملء الوقود عبر الحدود. وبعد ساعات، حُذف التقرير من الموقع الإلكتروني، ولم يظهر في النسخة المطبوعة على الإطلاق.
ووفق المعطيات الحديثة؛ فقد تم استدعاء صحفيون على صلة بالتقرير، وأُوقفوا عن العمل، واسُتجوبوا من جانب ممثلي الإدارة ومن محام بشأن التقرير والصحافيين المشاركين في تحريره ونشره.
وبعد أسبوع من النشر، مُنح الصحافيون خياراً: إما الاستقالة مع منحهم مزايا، أو إنهاء الخدمة ومواجهة أي تبعات محتملة. وتم التعهد لمن وقعوا على استقالة بعدم الكشف عن أي سبب لفصلهم، وفق ما ورد في نسخة إحدى الرسائل التي اطلعت عليها "أسوشييتد برس". ولاحقًا أُعلن عن حل الصحيفة، والانطلاق الوشيك لمنفذ ناطق بالعربية مع شبكة سي أن أن، خاص بالاقتصاد.
ونتيجة ما حدث فقد ما لا يقل عن 35 موظفاً وظائفهم في يوم واحد، وسُرح عشرات غيرهم ومُنحوا مكافأة نهاية خدمة، ولم ترد "آي إم آي" على الأسئلة المتكررة حول عدد الأشخاص الذين أقيلوا، في حين تؤكد الملفات الشخصية على موقع لينكد إن للتوظيف أن نحو 90 شخصاً كانوا يعملون في "الرؤية" باتوا عاطلين عن العمل، وبقي عدد محدود من الموظفين يعملون في الموقع الإلكتروني.
ورأت سكاي لاين الدولية أن هذا التطور يعكس النهج القمعي في البلاد، وغياب حرية التعبير والقيود التي تواجه عمل وسائل الإعلام.
وأشارت في هذا الصدد إلى اعتقال العشرات من كتاب الرأي والصحفيين والمعارضين وتقديمهم لمحاكمات جائرة والحُكم عليهم بالسجن لسنوات عديدة لمجرد محاولتهم التعبير عن آرائهم بشأن الحكم وحقوق الإنسان، خلال السنوات الماضية.
وبيّنت أن خطورة ما حدث لا تقتصر على الأضرار التي لحقت بالصحفيين الذين أوقفوا عن العمل، بل تمتد إلى حالة الترهيب ضد الصحفيين العاملين في مختلف وسائل الإعلام في البلاد، بحيث تجبرهم على فرض المزيد من الرقابة الذاتية على ما ينشرونه، فضلاً عن الرقابة الرسمية والحجب على الأفكار والمواد الصحفية من مسؤولي وسائل الإعلام.
وأشارت إلى أن ذلك، يفقد العمل الصحفي معناه الحقيقي، عندما يعجر الصحفي أو وسيل الإعلام عن الكتابة الحرة والمهنية أو طرح القضايا الملحة، تحت وطأة الخوف من العقاب والفصل التعسفي.
وطالبت سكاي لاين الدولية في نهاية بيانها، رئيس البلاد وعموم السلطات الحاكمة بإنهاء جميع القيود التي تقيد الحريات بما فيها حرية العمل الصحفي، بما يشمل إعادة النظر في القوانين الصارمة ومواءمتها مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وكذلك القرارات الإدارية والتعميمات الشفوية.